الأحد، 10 يونيو 2012

يا سيد الحرائق


  خولة مرتضوي


اتقدم شخصيا بخالص العزاء والمواساة الى ذوي واقرباء ضحايا وشهداء حادث فيلاجيو ، وارجو من الله تعالى لهم الصبر والسلوان ، وان يتغمد كل فقيد منهم بالرحمة والمغفرة وانا لله وانا اليه راجعون ، ان سيناريو الحادث في فيلاجيو ارق مخيلاتنا جميعا وكيف لا ونحن مجتمع متلاحم صغير فرغم ان الضحايا كانوا من جنسيات واديان متنوعة الا اننا تشاطرنا الحزن على كل روح منهم صعدت الى السماء ووقفنا بالدعاء والرجاء كي يمد الله تعالى بعونه اسر الفقدين بواسع رحمته وعطفه ، ولما جاء هذا الحريق المؤسف الذي الهب فيلاجيو والهب صدورنا جميعا ، جاء معه وابل متصاعد من اشكال الحرائق هنا وهناك ، ففي كل يوم اسمع ان هناك مدرسة او مخزنا او سوقا يحترق ، قليل منها صحيح وكثيرها واغلبها " اشاعات " جعلت الحرائق في كل مكان هنا وهناك ، واني شخصيا اصبحت اذعر واخاف على كل من احب ومن اعرف وكل من يسكن مدينتي ويمتطي ارضي وينظر في سمائي!
عزيزي قارئي منذ أن خلق الله الخليقة وجد الصراع بين القوي ، صراع يستهدف أعماق الإنسانية ويؤثر في كيان البشرية وإذا كانت الحروب والأزمات والكوارث والنكبات تستهدف بأسلحتها الفتاكة الإنسان من حيث جسده وبنائه فأن هناك حربا سافرة مستترة تتولد علي الضعاف الحوادث والملمات وتتكاثر في زمن التقلبات والمتغيرات وهي أشد ضراوة وفتكا لأنها تستهدف الإنسان من حيث عمقه وعطائه وقيمه ونمائه ألا وهي حرب الشائعات فكم أفسدت من امم ومجتمعات والتاريخ الإنساني خير شاهد علي هذا
تعد الشائعات من أخطر الحروب المعنوية والأوبئة النفسية بل من أشد الأسلحة تدميرا وأعظمها وقعا وتأثيرا وليس من المبالغة في شيء إذا عدت ظاهرة اجتماعية عالمية لها خطورتها البالغة علي المجتمعات البشرية وأنها جديرة بالتشخيص والعلاج وحرية بالتصدي والاهتمام لاستئصالها والتحذير منها والتكاتف للقضاء علي اسبابها وبواعثها حتي لا تقضي علي الروح المعنوية في الامة التي هي عماد نجاح الأفراد وأساس أمن واستقرار المجتمعات وركيزة بناء أمجاد الشعوب والحضارات والمحبة والمودة  والإخاء والتعاون والتراحم والتعاطف والصفاء ، ومنذ فجر التاريخ والشائعات تنشب مخالبها في جسد العالم كله لا سيما في أهل الإسلام يروجه ضعاف النفوس والمغرضون من اعداء الديانة ويتولي أعداء ويتولى أعداء الإسلام عبر التاريخ لا سيما قتلة الأنبياء ونقضة العهود كبر الشائعات بغية هدم صرح الدعوة الإسلامية والنيل من أصحابها والتشكيك فيها ولم يسلم من شائعاتهم حتي الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه فقد تعرضوا لجملة من الافتراءات والأراجيف ضد رسالتهم تظهر حينا وتحت جنح الظلام أحياناً
وفي الختام نجد أن  الاسلام سلك منهجاً فريداً في التعامل مع الشائعات يتمثل ذلك في التثبت في القول والامتناع عن الترويج لأي معلومة إلا بعد التثبت من صحتها والتعريف بمصدرها فكم من أناس ظلموا في أموالهم وأبدانهم وأعراضهم بسبب التسرع في نقل الأخبار وإشاعتها بلا تثبت ولا تدقيق ، فقطعت بذلك روابط قربى كثيرة بين الأرحام والإخوان، وقامت فتن وثورات بسبب إشاعات باطلة.
***
إن مسؤولية الكلمة كبيرة و عظيمة ، و ليس أكثر من التسرع في النقل والحديث أو الاعتماد على كلمة ( قالوا) تفريطاً بها ، فرفقا بجميعنا معا من " سيد الحرائق " ! ( رب اجعل هذا البلد امنا )