الأحد، 27 مارس 2011

الوطن يسمو فوق كل اغتراب – قصة عائلة قطرية في بريطانيا


في يوم ماطر وسماء غائمة وعبير الأزهار يملأ النفس بالراحة بينما كانت حصة تتجول في شارع أوكسفورد التجاري تلقت مكالمة عبر هاتفها المحمول من زوجها فهد وإذا به يبشرها ( مبارك عليك الشهر الفضيل بكرة رمضان ، اتصلوا فيني من الدوحة وبشروني ، وإذا رجعتي البيت بشري أمي وباركي لها ، لأني اتصلت فيها والظاهر إنها نايمة أو في المطبخ )أغلقت حصة الخط وفي قلبها حسرة وألم ، قد مرت خمس اعوام وهي في لندن وتعود الى الدوحة في المناسبات الخاصة بالعائلة واسابيع قليلة في كل صيف ، حملت حصة الاكياس التي تبضعتها من المتاجر هناك والخاصة بعمل حفلة استقبال لرمضان على غرار كل عام حيث تقوم بتنظيم الحفلة مع اخوات زوجها فهد في بيتهم الكبير .
عادت حصة الى البيت ، وذهبت وقبلت راس ام فهد قائلة " مبارك عليك الشهر يمه " ، مبشرة اياها بقدوم رمضان ، " الله يبشرك بالخير ، حصة يمه فري لي التلفزيون على حرم مكة ابي اشوف التراويح اليوم " قالت الام ، دخل الابناء علي وجواهر والمها ، وقبلوا راس امهم وجدتهم وباركوا لهم بدخول الشهر الفضيل ، " يمه اليوم خلصنا من المدونة اللي تتكلم عن فضائل الشهر الكريم ، وراح انشرها على النت المسا " قال علي الابن الذي يهوى تصميم المواقع الالكترونية ، قالت الام " بارك الله فيك يمه ، عسا الله يوفقكم يا عيالي " ، جواهر " يمه شفتي الدراعة المني اللي اشتريتها من هارودز ، اشرايج فيها ، بلبسها اليوم في يمعه الحريم عندنا الليلة " ، الجدة وهي تصيح بعلو صوتها " جهور ، وشو ذي العباية المقصوصة ، روحي لبسي لج شي عدل ، ما ادري هذولي طالعيمن على منوا " ، الام حصة ضاحكة ، " يمه هاي سنع هاليومين ، يمه جواهر لبسي الجلابية وهالله هالله في ظيوفي اليوم بيضي الوجه " ، جواهر " اوثكي مامي " ، ادارت الام وجهها الى الابنة مها المصابة بشلل الاطفال حيث كانت تسقي عددا من النباتات المنزلية ، وقالت لها " يمه مهوي وشو بتلبسين اليوم " ، " بلبس اللي تختارينه لي يمه ، وان شاء الله ابيض وجهج اليوم " ترد المها ، الام تطبع قبلة على جبين ابتها وتردد " عسى الله يحفظج ويحيج ويشافيج يالغالية " ، دخل الاب وقبل امه وزوجته والابناء ، وابلغهم ان عليهم زيارة السفارة القطرية بعد المغرب لتهنئة الدبلوماسيين هناك .
في المساء وبعد عوده الجميع من السفارة بدء الاستعداد لزيارة النساء السنوية في ليلة رمضان ، وكانت كارلا تساعد صديقتها جواهر في ترتيب طاولة العشاء ، " انتم فعلا كرماء ايها العرب ، وطيبون ، كل هذه الاصناف اللذيذة لليلة واحدة فقط " قالت كارلا ، جواهر ترد عليها ويداها مشغولتان " نعم كارلا ، انها ليلة رمضان وهذا سيكون السحور اما افطارنا فهو اشهى واغنى من هذا ادعوك غدا ان تنضمي الينا فيه وتورينا قبيل اذان المغرب " ، يدق جرس المنزل اللندني ذا الطابع العربي الاسلامي فاذا هن اصدقاء الام حصة وهن مجموعة من النساء من جنسيات عربية مختلفة واغلبهن زوجات دبلوماسيين يقيمون بلندن ، وبدأت السهرة بالحديث حول رمضان ونكهته ومميزاته ، وكيف ان طعم رمضان مختلف دائما ، وبعد الانتهاء من طعام السحور ، غادر الضيوف المنزل متمنين للعائلة عبادة مقبولة وذنبا مغفورا في هذا الشهر الكريم .
وقبيل اذان الفجر ، اجتمعت الاسرة امام التلفزيون يشاهدون الحرم المكي عبر التلفاز ويرددون الدعوات وراء الامام ، وفجأة تحدث فهد قائلا : " اسمعوا ، عيديتكم السنة ، اننا كلنا بنقضي العيد في الدوحة " فتعالت الصرخات فرحة في المنزل اما حصة والجدة فاغرورقت عيناهن بالدموع من شدة الفرحة ، فقد مرت خمس سنوات عليهم والعيد كان دائما يحتفل فيه بعيدا عن الوطن في لندن ، ومع التزام هذه الاسرة القطرية بعاداتها وتقاليدها ومحاولتها خلق جو عائلي واجتماعي لطيف في الخارج الا ان الوطن كان وسيبقى سيد الحضور في سنوات الاغتراب هذه التي ستنتهي بعد عام واحد حيث سينهي فهد عملة في السفارة القطرية ببريطانيا وسيعود على راس عملة في الخارجية القطرية ، فالوطن يسموا فوق كل اغتراب .

* تَحْذِيرٌ :فَلِهَذِهِ المادَةِ قَانُونُ حِفْظٍ يسْتَنِدُ عَلَى قَامَةٍ فِكْرِيَّةٍ وَدسْتُورٍ يمنَعُ كُلَّ تَجَاوُزٍ بالنَّشْرِ دُونَ النَّسَبِ للمَصْدَرِ في أَيِّ بِقَاعٍ إِعْلاميَّةٍ

خولة مرتضوي