الأحد، 16 يناير 2011

مقال - ارادة الشعب


إذا الشعب يوما أراد الحياة ، فلا بد أن يستجيب القدر ، قد حفظنا هذه الكلمات العميقة الأثر ظهرا عن قلب ، لكننا أنا وأبناء جيلي " الفتي " لم يكن يعي أن أحداثا كبيرة كتلك التي درسناها في كتاب التاريخ ورأيناها عبر الفضائيات التي توثق التاريخ العربي النضالي ضد الظلم والجبروت إننا وفي حياتنا التي قد تطول إلى ست أو سبع أو حتى ثمان عقود أن نرى شيئا يشابه ذلك واقعا في غير إطار المسلسلات والدراما التلفزيونية والسينمائية ، وفي الحقيقة عجبت من الأحداث المتسلسلة بقدر رباني في حياتي حتى خشيت أن استبعد وقوع شيئا حتى يحدث ذلك رغم العمليات المعقدة في عقلي التي تحاول قراءة المستقبل ، فقد كنت وكما الجميع حولي يجد أن الشعوب العربية في هذه الفترة من الزمن دخلت شرنقة الصمت واللامبالاة تأكدت بشكل استنتاجي " تهوري " انه لا يمكن لصمت البعض من هؤلاء أن يخرج إلى الفعل وان يحرك هذا الشعب أي ساكن كان في مجريات الحياة حوله ، لكن جاءت معتقداتي ونبوءاتي عكس ذلك " ولله الحمد " ، وها نحن نجد الدلائل والوقائع تثبت ذاتها يوما بعد يوما ، واليك أيها القارئ ما حصل في الشقيقة تونس قبل نيف من الأيام ، حيث خرجت تلك الجماهير الصامتة عن حقها إلى ثورة نفضت فيها مرارة سنوات من الاختزال والصبر والأمل اليائس ، وقد حققوا لأنفسهم تغييرا نتمنى جميعا أن يأخذهم إلى بر الأمان وان تحمل لهم الأيام القادمة السكينة والطمأنينة وان يبزغ نور الأمل بعد انقطاع الظلام !

يعتبر مبدأ المساواة وحق الشعوب في تقرير مصيرها ، من المبادئ الأساسية للقانون الدولي وذلك تماشيا مع ميثاق الأمم المتحدة واضعا البداية الأولى والمهمة في نشأة القانون الدولي المعاصر والنظام العالمي بشكل عام ، إن الأهمية الكبرى التي يلعبها مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير ، تتلخص في حفظ السلام والأمن العالمي ، ووقف الحروب وحل الخلافات الدولية والنزاعات الإقليمية ، وهناك صور ونماذج مختلفة لتطبيق مبدأ حق تقرير المصير، في إطار مؤسسات الأمم المتحدة، الجمعية العمومية ومجلس الأمن الدولي ، وذلك من اجل إنهاء الصراعات والخلافات الدولية ، ولا شك أن عمليه تطبيق مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير، لم تتوقف عند الحالة الاستعمارية التي سادت القرنين الثامن والتاسع عشر فقط، ، بل تعدت ذلك للوصول إلى الحرب العالمية الثانية وصولا للحرب الباردة، وقد تمثل ذلك باتحاد الألمانيتين وتفكك الاتحاد السوفيتي و الاتحاد اليوغسلافي، وظهور العديد من الدول المستقلة كالدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتي بعد الانهيار في التسعينات من القرن الماضي، وهذا خير مثال على تطبيق مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير وبناء الدول المستقلة ، على الرغم من وضع ميثاق الأمم المتحدة للقواعد القانونية الواضحة ، من اجل العمل على تطبيق مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير ، إلا انه قد ظهر الكثير من التساؤلات حول أمكانيه التطبيق العملي لهذا المبدأ ، انطلاقا من صيغته الشمولية ، وبسب تأكيد هذا المبدأ على حق جميع الشعوب بلا استثناء في تقرير المصير ، وان هذا الحق في مفهومه المعاصر يعلق آماله على التزام الدول واحترامها لهذا الحق في إطار ميثاق الأمم المتحدة ، من خلال مؤسساتها الجمعية العمومية ومجلس الأمن الدولي ، فلقد تبين أن معظم الثورات العالمية اعتمدت سيادة الشعب في حق تقرير المصير ، من خلال التأكيد على النظم الداخلية للدول ، وعلى الحقوق الفردية والجماعية للإنسان ، في محاربه الأنظمة الديكتاتورية وتحديد الأسس العملية والنظرية ، والاعتراف بالتوجهات الداخلية والخارجية لمبدأ حق الشعوب في المساواة وتقرير المصير ، وهذا ما رأيناه بأم أعيننا "مؤخرا" في تونس ، وما سنراه بعد أيام قلائل في السودان المنقسم وغيرهم قادمون !

وقد عبرت الخارجية القطرية عن احترامها لإرادة الشعب التونسي، في أول تعليق عربي على مغادرة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي بلاده، وتولي الوزير التونسي الأول محمد الغنوشي الرئاسة مكانه، في وقت تدرس فيه دول غربية الأوضاع قبل إعلان مواقفه ، ونقلت وكالة الأنباء القطرية مساء اليوم عن مصدر في وزارة الخارجية أن دولة قطر تراقب الأحداث الحالية في الجمهورية التونسية، معبرة عن احترامها لإرادة الشعب التونسي وخياراته ، وأكد المصدر "التزام دولة قطر بعلاقتها المتينة مع الشعب التونسي العزيز، وحرصها على علاقاتها المميزة مع الجمهورية التونسية والعمل على تنميتها وتطويرها لما يخدم مصلحة البلدين وشعبيهما الشقيقين" ، ومن خلال هذا المقال ابعث بتحية حارة إلى الشعب التونسي المناضل وال كافة ربوع تونس الأفريقية القيروانية ، فيارب " إنا نسألك أن تجعل هذا البلد آمنا وسائر بلاد المسلمين ، وتحيا إرادة الشعب أيها البشر !


تَحْذِيرٌ : فَلِهَذِهِ المادَةِ قَانُونُ حِفْظٍ يسْتَنِدُ عَلَى قَامَةٍ فِكْرِيَّةٍ وَدسْتُورٍ يمنَعُ كُلَّ تَجَاوُزٍ بالنَّشْرِ دُونَ النَّسَبِ للمَصْدَرِ في أَيِّ بِقَاعٍ إِعْلاميَّةٍ

خولة مرتضوي